تيارات الغزو الفكري

المتتبع لحركة الغزو الفكري للمجتمعات العربية والإسلامية سوف يتأكد له أن مؤسسات الغزو (الاستشراف والتبشير) حولت وجهتها عن سياسات الغزو الفكري الصريح التي انتهجتها من قبل، إلى محاولة التأثير على العقلية المسلمة، فلم يقطع الفكر الغازي الأمل في فرض سيطرته على العقلية المسلمة من خلال فلسفة اختراقية جديدة، تعتمد على دغدغة المشاعر بما يثيرها أحينا وما يقودها إلى مناطق في غاية الخطورة.

تيارات الغزو الفكري

تجد طريقها إلى العقلية المسلم من خلال حملات اختراق منظمة

المتتبع لحركة الغزو الفكري للمجتمعات العربية والإسلامية سوف يتأكد له أن مؤسسات الغزو (الاستشراف والتبشير) حولت وجهتها عن سياسات الغزو الفكري الصريح التي انتهجتها من قبل، إلى محاولة التأثير على العقلية المسلمة، فلم يقطع الفكر الغازي الأمل في فرض سيطرته على العقلية المسلمة من خلال فلسفة اختراقية جديدة، تعتمد على دغدغة المشاعر بما يثيرها أحينا وما يقودها إلى مناطق في غاية الخطورة.

وإذا كانت هذه المسؤولية أبان موجات الغزو الفكري تقع على كاهل المؤسسة الدينية وحدها، فمن الضروري أن نتأكد أن لاعبين آخرين دخلوا الساحة الفكرية ولديهم من التأثير ما لا يقل عن تأثيرات المؤسسة الدينية، مثل المؤسستين الإعلامية والتربوية، خاصة مع تغغل المؤسسة الإعلامية في قلب البيت المسلم، بما يتيح لرب الأسرة القدرة على تصويب المسارات الفكرية، كجزء من مسؤوليته التربوية، فقضية الاختراق لم تنل حظها من التناول الأكاديمي، مثلما قدر لقضية الغزو الفكري، ربما لأنها لم تزل غير معلومة للبعض، أو لأنها وجدت من الأبواب الخلفية ما يمكنها من التسرب خلسة إلى عمق المجتمع دون أن ينتبه أهله لما أحدثته وما تحدثه من تغيير، ورغم أن الأمة الإسلامية التي يشكل العرب فيها واسطة العقد تصحو اليوم على آمال جديدة، إلا أنها عادة ما تصطدم بما يمكن أن نطلق عليه التقوقع المخترق.

وخطورة الاختراق أنها كانت تتطلب صحوة مبكرة ومساحة أوسع من تفكير أصحاب الفكر المستنير، ورغم أن هذا لم يحدث، إلا أن الفرصة تزال قائمة لمواجهة هذه التيارات الوافدة، خاصة وأنه يعتمد في تسلله إلى مجتمعاتنا على النبش في قضايا تستغل العزف على أوتار المشاعر، مثل القضايا العرقية والطائفية، وربما يكتسي ثياب الوطنية أو القومية، فإذا به يحي نعرات ونزعات ينقاد ورائها بعض أصحاب المصالح والأهواء.

الغريب أن عمليات الاختراق عادة ما تتخذ مما يظن البعض أنه توافه الأمور مداخلا لأغراضهم، فإذا بهم يعظمون هذه التوافه حتى يتمكنوا من تأجيج نيرانها، إلى أن يقودوا المجتمع إلى التفتت والتشرذم وربما العداء الذي لا تزول آثاره في يوم وليلة، إلا أن يتنبه العقلاء من أبناء المجتمع إلى هذا الاختراق فيعتصموا في مواجهته ويتوحدوا للحيلولة دون تفاقم آثاره السلبية، التي ربما تقوض من أمن المجتمع، ووقتها يبدو رقع هذا الخرق أمرا في غاية الصعوبة.

وإذا كانت ثقافة الاختراق تنجح بين الحين والآخر في احتواء بعض العناصر وتجنيدها، بعد غسل أدمغتهم وإقناعهم باتجاهات تغاير الواقع الاجتماعي، تحت شعارات رنانة، ربما تجتذب المزيد من المخدوعين، إلا أن كثيرا من التساؤلات وعلامات الاستفهام تبقى دائما دون وجود تفسيرات مقنعة لها وتفتح أبوابا للشك والريبة في النوايا الحقيقة للمخترقين.

شـــــارك

ذات صلة

تواصل معنا