السنن المهجورة

السنن المهجورة

مدخل الشيطان لإفساد عقيدة المسلم

هُناك الكثير من السُنن التي هجرها الناس حتى أن البعض  لضعف إيمانه، وقِلَّةِ علمه، وضعف حُجَّته يظن أن تطبيق السُّنة وإحياءها تخلُّف ورجعية وتقهقر، وعودة إلى العصور الحجرية،  فإذا ببعض المنتسبين للإسلام يخشون تطبيق السُّنة؛ كي لا يوصموا بالتخلف والرجعية، والتَّزمُّت، وللسبب ذاته تركتْ بعضُ المُسلِمات الحجاب، وبعضُهم يترك الصلوات في الطائرات أو المطارات والأماكن العامة؛ للسبب ذاته، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: (غلب الشِّركُ على أكثر النفوس لظهور؛ الجهل، وخفاء العلم، فصار المعروف مُنكَراً، والمُنكَر معروفاً، والسُّنَّة بدعة، والبدعة سُنَّة، ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطُمست الأعلام، واشتدَّت غربةُ الإسلام، وقلَّ العُلماء، وغلب السُّفهاء، وتفاقم الأمر، واشتد البأسُ، وظهر الفساد في البرِّ والبحر بما كسبت أيدي الناس، ولكن لا تزالُ طائفةٌ مِن العِصابة المحمَّدية بالحق قائمين، ولأهل الشِّرك والبِدع مُجاهِدين إلى أنْ يرث الله سبحانه الأرض ومَنْ عليها، وهو خير الوارثين)

وإقامة السنن من شأنها أن تجعل قلب العبد يستقيم حتى يُعظِّم السنة، ويُحبها ويعمل بها، ويحب أهلها، وإنَّ كلَّ بدعةٍ تظهر تؤدِّي إلى اختفاء سُنَّة، وعند ذلك يتعاهد الناسُ البدعة ويهجرون السُنَّة، ومع مرور الزمان وتتابع الأجيال على ذلك تحيا البدعُ وتموتُ السُّنن؛ كما قال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (مَا أَتَى عَلَى النَّاسِ عَامٌ إِلاَّ أَحْدَثُوا فِيهِ بِدْعَةً وَأَمَاتُوا فِيهِ سُنَّةً؛ حَتَّى تَحْيَا الْبِدَعُ، وَتَمُوتَ السُّنَنُ)

ومن أعظم مظاهر هجر السُّنة النبوية ترك الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في سيرته وسنته وهديه وواقعه وأعماله، والاقتداء بالرموز التافهة، وبعضهم يُقارن أقوال هؤلاء وأفعالهم بأقوال صاحب الوحي والنور صلى الله عليه وسلم وأحواله، ومن ثم تُعرض على الناس؛ وتلك مصيبة المصائب إذ تُزهِّد عوام الناس وتُهوِّن عليهم التَّجنِّي على سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وسنَّته، وتُثير الشكوك في أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله التشريعية، التي هي محض وحيٍّ من عند الله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾

ولأنَّ بعض الناس لا تتعلَّق إلاَّ بالواقع المشاهد، واللحظة المعاصرة؛ فينبهرون بهؤلاء الذين تسوَّدوا بغير سيادة، وقادوا بغير قيادة، وينسون أعظم الخلق صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله تعالى رحمةً للعالمين الأحياء منهم والأموات؛ من خلال سنَّته صلى الله عليه وسلم وهديه ومنهجه في الحياة الذي هو أَولى بالاتباع، وأحق بالتَّمسُّك وأجدر بالتَّطبيق دون غيره من مناهج زائفة، وسنن متهافتة، وفلسفات غير متناسقة، وأفكار غير متناغمة، صدرت عن عقولٍ بشريةٍ قاصرة، مُتناحرة فيما بينها، يعتريها النقص، ويشوبها الضلال، ويحكمها الهوى؛ فإذا حققت مصلحةً فقد فوَّتت مصالح، وإذا نفعت قوماً فقد أضرَّت بأقوام.

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم مُعلِّمه ومؤدِّبه ربُّ العالمين؛ لذا اتَّصف بكلِّ كمالٍ بشري، بلغ فيه الذروة، ووصل فيه القمة حتى نال تزكيةً ربانية لم ينلها أحد غيره صلى الله عليه وسلم، فأصبح النموذجَ والقدوةَ الجديرة بالتَّأسِّي بها، والمتابعة لها، بشهادة ربِّ العالمين؛ كما قال سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ﴾ [الأحزاب: 21]، فهو أُسوة العالمين في كلِّ مجالٍ، ودربٍ، وعلمٍ؛ فهو أسوة للقادة في وقت السِّلم والحرب والرَّخاء والأزمات، وأُسوة للشاب، وأُسوة للشيخ الكبير، وأُسوة للزوج، وأُسوة للأب، وأُسوة للعلماء وأُسوة للدعاة وأُسوة للأغنياء، وأُسوة للفقراء، ولن تجد موقفاً لعموم البشر وجموعِهم على اختلافهم وتنوُّعهم بحاجة إلى أُسوةٍ ومثالٍ إلاَّ وتجده في سنة نبيِّنا وسيرته صلى الله عليه وسلم؛ ليتحقق بذلك ما ورد في الآية السالفة الذِّكر، وليكون جديراً بتلك المنزلة التي اختارها له ربُّه سبحانه وتعالى؛ منزلة الأسوة والقدوة للبشرية جمعاء.

وتَرْكُ الاقتداءِ بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الخطوة الأُولى في هجر سُنَّتِه الشريفة سواء بشكل جزئي أو كلِّي، إذ إنَّ المسلم الحق لو استقر في داخله حبُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وتعظيمُه والاقتداء به في جميع أفعاله وأقواله وتقريراته، ومن ثَمَّ طبَّق سُنَّتَه وأحيَا هديَه وطريقتَه، أمَّا أنْ يُتَّخذ من توافه البشر وضُلاَّلهم قدوة لهم من دونه صلى الله عليه وسلم، فهذا يُذهب مهابة السُّنة وجلالها من نفوس أصحابها.

والسنن المهجورة هي الأعمال والتعاليم التي قام بها رسول الله  صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تكن مألوفة أو شائعة بين المسلمين في فترات لاحقة.

تشمل السنن المهجورة أفعال وأقوال وتصرفات قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وأوصى بها، ولكن لم تحظ بالآهتمام الكافي أو تم تجاهلها من قبل البعض في مراحل متأخرة من تاريخ النسلمين,

و قد تكون هذه السنن المهجورة متعلقة بالعبادات والطقوس الدينية أو بالأخلاق والسلوكيات اليومية، وعندما يتعلق الأمر بالعبادات، قد يكون ذلك مثل الصلاة، أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج، حيث يمكن أن يكون هناك تغيير في الطريقة التي يمارس بها المسلمون هذه العبادات مع مرور الزمن.

من الأمور المشهورة التي يعتبرها بعض الناس سننًا نبوية مهجورة هي السنن الراتبة، وهي السنن القديمة التي قام بها النبي صلى هللا عليه وسلم في حياته اليومية وكان ينبغي على المسلمين الاقتداء بها وعدم هجرها.

والسنن المهجورة هي ما شاع تركه بين المسلمين من سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، القولية أو الفعلية، ومعلوم أن الإسلام بدأ غريبا ، ثم قوي واشتد ، ثم مع طول العهد وتباعده عن زمن الوحي تُهجر السنن شيئا فشيئا ، حتى يعود الإسلام غريبا كما بدأ .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ )، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْر ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ),

شـــــارك

ذات صلة

تواصل معنا