“أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ”

“أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ”

كلُّ كلمةٍ في كتاب الله جاءت وَفْق تدبيرٍ حكيم، وفي موضعٍ مُحدَّد لا تتقدَّم عنه ولا تتأخَّر، ولا يمكن أن تسدَّ أيُّ كلمةٍ أخرى مكانهـا، ولا أن تُعطيَ أبعادها الجماليَّة والإعجازيَّة التي كانت تُعطيها تلك الكلمة.

فما مِن لفظٍ من ألفاظ القرآن التي بلغ عددها (77.439) كلمة، إلاَّ وقد جاء بميزانٍ دقيقٍ ونظامٍ مُحْكَمٍ على مستوى الآية والموضوع والسورة، ومِن ثَمَّ القرآن كله.

وفي الجزء الأول من كتاب الله تعالى وفي مطلع سورة البقرة ورد قول الله تعالى “أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ” وكلمة “صيب” من الكلمات القرآنية التي تحمل أبلغ المعاني، قد أفاضَ العلماءُ في تعريفهِ ووصفهِ وشرحهِ بألفاظٍ تجاوزت عشرين لفظاً، فقالوا: إنه مطر شديد مفاجئ، يصاحبه رعد مُخيف وبرق متكرِّر وعواصف شديدة ورياح مُزمجِرة.

هذا الثراء الذي تتمتع به الكلمة كغيرها من الكلمات القرآنية يدلل على أن لغة القرآن الكريم  هي  الأوفر ألفاظاً، وأقلُّها حروفاً، وأفصحها لهجة، وأكثرها تصرُّفاً في الدلالة على أغراض المتكلِّم، وفيها من الدقائق واللطائف لفظاً ومعنَى ما يفي بأقصى ما يراد مِن وجوه البلاغة، فهي لغةٌ كاملةٌ مُحبَّبة عجيبة، ألفاظها تُصوِّر مَشاهد الطبيعة، وكلماتها تُمثِّل خطرات النفوس، ومعانيها تتجلَّى في أجراس الألفاظ، لترسم خطوات الضمير ونبضات القلوب ونبرات الحياة.

شـــــارك

ذات صلة

تواصل معنا